كلمة سعادة السفير أبو الرب سفير دولة فلسطين ورئيس مجلس إدارة المدارس الفلسطينية
2024-10-09 13:16:08
بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدات والسادة،
الإخوة والأخوات،
أبناء وبنات فلسطين،
نلتقي اليوم في ظل مرور عام على العدوان البشع الذي طال قطاع غزة الحبيب. لم يكن هذا العدوان مجرد عملية عسكرية، بل حرب إبادة جماعية استهدفت الإنسان والأرض، وحصدت أرواح أكثر من 180 ألف شهيد وجريح ومفقود، مخلفة معاناة مستمرة لشعبنا الذي يواصل صموده بشجاعة.
نقف هنا، في مدرسة فلسطين وسط الدوحة المعطاءة، لنجدد عزمنا الراسخ على مواصلة النضال المشروع من أجل تحقيق الحرية والكرامة لشعبنا. فقد شهد العام الماضي استمرار الجرائم والمجازر بحق شعبنا في كافة أرجاء فلسطين المحتلة، حيث يواصل الاحتلال سياساته العنصرية القائمة على التطهير العرقي والتهجير القسري، في محاولة يائسة لمحو هويتنا الوطنية، ولكن شعبنا يظل متشبثًا بحقه في العيش بكرامة وحرية.
وفي هذا السياق، نؤكد مجددًا على استمرار التحركات السياسية والدبلوماسية للقيادة الفلسطينية، بتوجيهات السيد الرئيس محمود عباس، لوقف العدوان وإنهاء الاحتلال في قطاع غزة، والعمل على فتح كافة المعابر بشكل دائم ومستمر لإدخال المساعدات الإنسانية. كما نواصل فضح الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي.
وكما أكد السيد الرئيس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79: "إن شعبنا الفلسطيني، الذي تعرض لأبشع أنواع الظلم والتشريد، يواصل نضاله المشروع لإنهاء الاحتلال الذي طال أمده، ولن يسمح بطمس هويته أو المساس بالوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس الشرقية."
ونستذكر أيضًا القرار التاريخي الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي صوّت لصالح طلب الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الوضع القانوني للاحتلال الإسرائيلي. إن هذه الخطوة القانونية تمثل إنجازًا هامًا في مسيرتنا نحو محاسبة الاحتلال وكشف جرائمه أمام العالم. ولكننا نسأل: إلى متى ستستمر هذه الازدواجية في المعايير الدولية تجاه قضيتنا؟ نحن شعب يطالب بحقوقه العادلة، ولا يمكن أن تبقى هذه الحقوق رهينة للسياسات المزدوجة.
لقد كشفت الحرب على غزة حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، حيث يعاني أكثر من 96% من سكان القطاع من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بما في ذلك 49,300 امرأة حامل، وأدت المجاعة إلى استشهاد 36 طفلاً. كما تسببت الحرب في تدمير 67% من منظومتي المياه والصرف الصحي، مما أسفر عن أزمة بيئية وصحية خطيرة، في حين أصبحت الطرق مدمرة ومعقدة، تعيق الحياة اليومية والتنقل.
وبالنسبة للتعليم، فقد تأثرت مسيرته بشكل كبير، حيث دُمرت مئات المدارس والجامعات، وحُرم أكثر من 606 آلاف طالب وطالبة في قطاع غزة من حقهم الأساسي في التعليم. وعلى الرغم من كل هذه الظروف القاسية، فإننا لا نستطيع إلا أن نرفع أسمى آيات التقدير والشكر لمعلمينا الأعزاء في فلسطين وفي كل مكان، بمناسبة يوم المعلم العالمي. فرغم العدوان والظروف القاسية، يواصل هؤلاء الأبطال أداء رسالتهم النبيلة. إنهم رمزٌ للصمود والإصرار، حيث يزرعون بذور العلم في نفوس الأجيال القادمة، متجاوزين كافة التحديات والصعاب. في هذا اليوم، نقف وقفة إجلال واحترام لهؤلاء المعلمين، الذين يعملون بلا كلل لبناء مستقبل مشرق لشعبنا.
وهنا لا بد من توجيه الشكر والتقدير والعرفان لمؤسسة
"التعليم فوق الجميع" لدورها الحيوي الذي تلعبه في دعم التعليم في المناطق المتأثرة بالنزاعات، بما في ذلك فلسطين. من خلال مبادراتها وبرامجها الرائدة، تسعى المؤسسة إلى تمكين الأطفال والشباب من الوصول إلى التعليم، رغم التحديات الكبيرة التي تواجههم. في هذا السياق، تبرز جهود سمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيسة مجلس إدارة المؤسسة، التي تؤكد دومًا على أهمية التعليم كأداة أساسية للتنمية والسلام. سموها تعبر عن التزامها العميق بدعم حقوق الأطفال في التعليم، قائلة إن التعليم ليس مجرد حق، بل هو الوسيلة الأساسية لتمكين الأجيال القادمة من بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا، بعيدًا عن العنف والحرمان.
كما شهدت المدارس في الضفة الغربية والقدس تصاعدًا ملحوظًا في أعمال الإرهاب والتعديات من قبل المستوطنين الإسرائيليين، حيث أصبحت هذه المؤسسات التعليمية هدفًا متكررًا لهجماتهم الوحشية. تتعرض المدارس لاعتداءات ممنهجة، تشمل اقتحام الحرم المدرسي وتخريب الممتلكات وإرهاب الطلاب والمعلمين، مما يعرقل سير العملية التعليمية ويهدد حقوق الأطفال في التعليم الآمن. هذا التصعيد الخطير يعكس السياسات الإسرائيلية القائمة على فرض الهيمنة والاستيطان بالقوة، ويتناقض مع أبسط المبادئ الإنسانية والقوانين الدولية التي تكفل حق الأطفال في التعليم بعيدًا عن العنف والخوف.
وفي هذا اليوم أيضًا، نحتفل بتراثنا الفلسطيني، تأكيدًا على تمسكنا بهويتنا وتاريخنا العريق. فالتراث الفلسطيني هو الجسر الذي يربط بين الأجيال، وهو الذي يحافظ على حلم أبناء فلسطين بالعودة والتحرير. وتظل مدرسة فلسطين في الدوحة الخير رمزًا لهذا الصمود، حيث يجتمع أبناء فلسطين للحفاظ على تراثهم وثقافتهم.
وفي هذه المناسبة، لا يسعنا إلا أن نتوجه بخالص الشكر والتقدير لدولة قطر الشقيقة قيادةً وشعباً، على دعمهم المتواصل لشعبنا. فقد كانت قطر دائمًا سندًا لنا، تقدم الدعم السياسي والمالي والإغاثي بلا انقطاع، وتدافع عن حقوق شعبنا في جميع المحافل الدولية. إن موقف صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، يظل نقطة مضيئة في مسيرتنا نحو الحرية.
ولا ننسى العدوان الإسرائيلي المستمر ليس فقط على أرض فلسطين، بل أيضًا على لبنان الشقيق، حيث يواصل الاحتلال هجماته على الأراضي اللبنانية، ما يسبب دمارًا وخرابًا مشابهًا لما يعيشه شعبنا في فلسطين. إن هذا العدوان المتواصل يعزز الحاجة لتحرك دولي جاد لوضع حد لانتهاكات الاحتلال في المنطقة.
ختامًا، نؤكد مجددًا أن نضالنا مستمر حتى تحقيق هدفنا في الحرية وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. إن العالم مطالب بإنهاء الظلم الواقع على شعبنا، والمجتمع الدولي يتحمل مسؤوليته في تحقيق السلام العادل والدائم.
والسلام عليكم ورحمة الله